آخر الأخبار

الاثنين، 7 ديسمبر 2015

أ. احمد المثاني يكتب : عبدالله .. وفرح يغيب

عبد الله .. و فرح يغيب ..
 لم يذكر عبد الله تاريخ مولده ، و لكنهم أخبروه أن أمه جاءها المخاض و هي بالسهل ذات يوم حار لافح ، من أيام الحصيدة .. و قد استبشرت به و شقت نطاقها و لفته على عجل ، و أكملت زحفها تحصد ما تبقى من قامات القمح التي اكتست بصفرة الذهب .. و قد أعلنت زغرودة من جارتها مولده و هي تصيح على مسمع الحصادين .. مبروك ،، ولد ولد .. مرت الأيام ، و كبر عبد الله في رعاية أب لم يقرأ حرفا و لم يمسك بجريدة ، و أم أمية ، لكنها كانت تقول : اسمع يا عبودة .. اريدك تطلع شاطر مثل ابن عمك ، و كانت تمسك بالكتاب مقلوبا ، و هي تقول : اريد أن تأتي بشهادة من المدرسة ارفع بها رأسي ..و لا يهمك .. المصاري . و كانت تدخر ثمن بيض الدجاجات و تضع دنانيرها بين طيات الفراش .. و يشاء الله ، و يشتد عود عبد الله ، و يكمل تعليمه الثانوي ، و يذهب في بعثة دراسية خارج الوطن .. كان يبعث برسائله إلى أهله و يسأل عن صحة أبيه الذي أقعده المرض ، و عن أمه التي وقع عليه عبء إعالة الأسرة .. و الإشراف على الحقل .. و كانت تعود مع غبش المساء ، و هي مثقلة من التعب و الهم .. و كانت تشد من عزيمتها و هي تقول غدا يعود عبد الله و يحمل العبء عني و تذهب في صلاتها و هي تدعو له بالتوفيق و ان تراه راجعا إلى بيته و بيده شهادة .. دكتور قد الدنيا .. و تغمض عينيها على صورته و هو يلبس مريولا أبيض و بيده السماعة .. و تمر الايام ، و يكمل عبدالله دراسته و تحين ساعة العودة ، تسابقه الأشواق لرؤية والديه و إخوته .. و يجتهد ان يجعل ساعة عودته مفاجئه ، و فعلا بعد أن تحط الطائرة ، يستقل سيارة أجرة و الوجهة الى هناك حيث بيت العائلة .. و تأخذه أحلام و أحلام .. سيرى فرحة أمه و أبيه .. و اخوته .. و سيرى ضحكة ابنة عمه ، و لطالما مناها برسائله ، و انه لن يتزوج من أجنبيه .. … و فجأة ، لم يكن يعلم عبد الله أن قدره المحتوم قد حان .. على يد شاب طائش ، ركب صاعقة الموت ، بسرعة مجنونة ،، ليزهق روحا .. و يطفىء أحلاما و يقتل فرحا .. … و يأتي صوت الناعي ، عبد الله في ذمة الله ..
 - أحمد المثاني -
شاهد المزيد
التعليقات