
رضي الله عنها: كان رسول الله يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره " (مسلم) وتقول : كان إذا دخل العشر شد المئزر واحيا ليله وأيقظ أهله " ( البخاري)
وان مما يزيد العشر بركة وفضلا أن
فيها ليلة خير من ألف شهر ، ليلة ليس لها مثيل ، هي أفضل ليالي الدهر ، وخير ساعات
العمر ، تلك الليلة كالبدر في السماء ، وكالقلادة على العنق ، وكالتاج على الرأس ،
سمى الله سورة باسمها ، فيها عظائم ونفحات ربانية وكرائم ، قال عليه الصلاة
والسلام: " من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه "
(متفق عليه) ، أي: مصدقا بثوابها ومحتسبا لذلك .
متى ليلة القدر:
هي في رمضان المبارك ، وهي في العشر الأواخر
منه، قال صلى الله عليه وسلم : " ليلة القدر في العشر الأواخر " (متفق
عليه )
وهي في الأوتار منه اقرب ، قال عليه
الصلاة والسلام :" فابتغوها في العشر الأواخر ، وابتغوها في كل وتر" (متفق
عليه)
وقال : " التمسوها في العشر الأواخر
فان ضعف أحدكم أو عجز فلا يغلبن على السبع البواقي " (مسلم )
وجعل الله عز وجل لليلة القدر علامات،
ولا يشترط للمسلم أن يراها بل يجتهد ويستعد ليرى الله إقبالا على عبادته وطمعا في
جنته ، ومما ورد من أحاديث صحيحة في علاماتها التي تبين انها ليلة القدر :
أولا : تطلع الشمس
في صبيحتها لا شعاع لها ، قال عليه الصلاة والسلام : " صبيحة ليلة القدر تطلع
الشمس لا شعاع لها كأنها طست ، حتى ترتفع " (رواه مسلم ) ، والسبب لكثرة نزول
الملائكة وصعودهم فتستر بأجنحتها وأجسامها اللطيفة شعاع الشمس .
ثانيا : يطلع القمر فيها مثل شق جفنه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
تذاكرنا ليلة القدر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أيكم يذكر حين
طلع القمر مثل شق جفنة " (مسلم) أي
: نصف قصعة .
ثالثا : تكون ليلتها معتدلة لا حارة ولا باردة ، قال عليه الصلاة والسلام:
" ليلة طلقة لا حارة ولا باردة تصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة ، رواه ابن
خزيمة وصححه الألباني
رابعا : لا يرمى فيها بنجم ، قال عليه الصلاة والسلام : " إنها ليلة
بلجة (منيرة) لا حارة ولا باردة لا يرمى فيها بنجم "
وشاع عند العامة علامات باطلة لا
توافق الشرع فقالوا إن ما ء البحر يصبح حلوا ، والكلاب لا تنبح ليلتها والحمير لا
تنهق فيها ، والملائكة تسلم على المسلمين ، فهذا وغيره لا أصل له ولم يثبت عن
نبينا عليه السلام ، وقد ترى ليلة القدر بالعيان : أي برؤية علاماتها ، أو بالمنام
، أو بالشعور والإحساس الصادق (مجموع الفتاوى لابن تيمية )
ويتحرى ليلة القدر بالدعاء والصلاة
والاستغفار والاعتكاف وقراءة القران وكل عمل صالح يقرب إلى الله ، والمحروم من حرم
خير هذه الليالي ، وعلى الغلفل ان يعجل ولا يؤخر ، قال سبحانه " يأيها الذين
امنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فاولئك هم الخاسرون
"
وقد قيل في الشعر:
لليلة القدر عند الله
تفضيل---------- وفي فضائلها قد جاء تنزيل
فجد فيها على خير تنال
به------------ أجرا فللخير عند الله تفضيل
ولا يغرنك الدنيا وزخرفها
----------- فكل شيئ سوى التقوى أباطيل
وعلى العاقل أن يغتنم هذه الأيام
والليالي المباركة ،لعله يكون من المفلحين ، ومن الفائزين ، وقد لا تتكرر هذه
الفرصه فكما قيل في الشعر :
إذا هبت رياحك فاغتنمها ------- فان
لكل خافقة سكون
ولا تغفل عن الإحسان فيها ------ فلا
تدري السكون متى يكون
وإذا درت نياقك فاحتلبها -------
فانك لا تدري الفصيل لمن يكون
تقبل الله منا ومنكم صالح العمل،
وجعلنا ممن يفوزون بأجر تلك الليلة العظيمة ، وصلى الله على نبيه ومصطفاه والى
لقاء .
شاهد المزيد