آخر الأخبار

الأحد، 17 أبريل 2016

د.رياض شديفات يكتب : التطرف الإعلامي

بصفتي مواطناً عربياً يتألم ويتوجع لما يراه من واقع أليم ومحزن ومن مآسٍ لا حصر لها ،فأينما يممت وجهك ترى الوجع والألم والحزن والآهات تملأ أركان المكان والزمان في بلادنا من أقصاها إلى أقصاها وكأن قدرها في هذا الزمان أن تكون الأمة المكلومة الجريحة ، وأينما اتجهت ترى ما لا تحب وكأن المشهد العام هو الصورة العامة في أوطاننا العربية بعكس بلاد الدنيا الأخرى التي هي محط أنظار الحالمين برغد العيش والحرية والكرامة الإنسانية .
وبصفتي مواطنا يرى أن من واجبه أن يوظف قلمه في الدعوة إلى الخير ، وفي التحذير من الشرور والفتن كوني أرغب وأتمنى كما يتمنى غيري من الغيارى والمحبين أن يروا الأمن والاستقرار يسود في أوطاننا ، وأن يروا العدل والحرية ورغد العيش متاحاً فيها كغيرهم من بني الإنسان ، لكن جلسة واحدة أمام التلفاز مع تقليب محرك البحث " الريموت " تجعلك ترى مقدار الفوارق بين فضائيات الوطن الواحد ، والبلد الواحد ، حيث ترى طرفي النقيض في الطرح والتوجه ، وفي الرؤية والبرنامج ، مما يشكل حالة من الصراع بين أبناء الوطن بما يشق صفهم ، ويثير الفتن ، وينكأ الجراح ، ويخدم العدو ، ويزيد من حالة التشرذم والفوضى التي لا تخفى على عاقل من الناس . 
ويمكن تسمية هذا الحال الإعلامي " بالتطرف الإعلامي " ذلك أن من واجب الإعلام أن ينقل الحقيقة كما هي ، وأن يكون دوره بناءً وهادفاً بغض النظر عما يمكن رؤيته من حالات النفاق والانفصام عن الواقع في بعض وسائل الإعلام التي ترى الحقيقة بعين واحدة ، ولا يعقل أن يكون دور الإعلام تمزيق المجتمع ووحدته ، ولا يعقل أن يتبنى المواقف التي لا تخدم وحدة المجتمعات العربية ، فهناك وسائل إعلام لا هم سوى البحث في الإشكاليات الفكرية والوطنية ، والبحث في الدفاتر القديمة التي عفا عليها الزمن ، فالإعلام الذي يثير الفتن هو إعلام متطرف ، كما أن الذي يمزق وحدة المجتمع هو متطرف أيضا ، ولعل نظرة واحدة تريك مقدار التطرف الإعلامي الذي يمارس في ساحتنا العربية والذي لا يستفيد منه إلا أعداء الأمة العربية . 
ومن نافلة القول هنا أن صور التطرف في عالمنا المعاصرة كثيرة تملأ الساحة والفضاء لغياب التوجيه السليم والمرجعيات الفكرية والسياسية القادرة على التوجيه والإقناع ، فإن المنطق يقول : المرء إن لم يتشغل بالحق اتشغل بالباطل , كما أن الإناء إن لم يملأ بما هو نافع ملء بما هو غير نافع ، ولأجل هذا صور التطرف في حياتنا ، نرى التطرف في الحب والكره ورفض الآخر ، والتطرف في اللهو والعبث وفي البذخ والإسراف من باب سوء التصرف والإدارة وغياب الهدف ، والتطرف في الفكر والسلوك بما نراه من كتابات ومقالات وأراء وحوارات لا تخدم هدف المجتمع العام ، وهذا يتطلب دراسة هذه الظاهرة ومعرفة أسبابها ، ووضع الحلول المناسبة لها قبل فوات الأوان ، فإن حال الأمة لا يحتمل المزيد من الجراح . 
د . رياض خليف الشديفات / 10/5/2014م
شاهد المزيد
التعليقات