
وبصفتي مواطنا يرى أن من واجبه أن يوظف قلمه في الدعوة إلى الخير ، وفي التحذير من الشرور والفتن كوني أرغب وأتمنى كما يتمنى غيري من الغيارى والمحبين أن يروا الأمن والاستقرار يسود في أوطاننا ، وأن يروا العدل والحرية ورغد العيش متاحاً فيها كغيرهم من بني الإنسان ، لكن جلسة واحدة أمام التلفاز مع تقليب محرك البحث " الريموت " تجعلك ترى مقدار الفوارق بين فضائيات الوطن الواحد ، والبلد الواحد ، حيث ترى طرفي النقيض في الطرح والتوجه ، وفي الرؤية والبرنامج ، مما يشكل حالة من الصراع بين أبناء الوطن بما يشق صفهم ، ويثير الفتن ، وينكأ الجراح ، ويخدم العدو ، ويزيد من حالة التشرذم والفوضى التي لا تخفى على عاقل من الناس .
ويمكن تسمية هذا الحال الإعلامي " بالتطرف الإعلامي " ذلك أن من واجب الإعلام أن ينقل الحقيقة كما هي ، وأن يكون دوره بناءً وهادفاً بغض النظر عما يمكن رؤيته من حالات النفاق والانفصام عن الواقع في بعض وسائل الإعلام التي ترى الحقيقة بعين واحدة ، ولا يعقل أن يكون دور الإعلام تمزيق المجتمع ووحدته ، ولا يعقل أن يتبنى المواقف التي لا تخدم وحدة المجتمعات العربية ، فهناك وسائل إعلام لا هم سوى البحث في الإشكاليات الفكرية والوطنية ، والبحث في الدفاتر القديمة التي عفا عليها الزمن ، فالإعلام الذي يثير الفتن هو إعلام متطرف ، كما أن الذي يمزق وحدة المجتمع هو متطرف أيضا ، ولعل نظرة واحدة تريك مقدار التطرف الإعلامي الذي يمارس في ساحتنا العربية والذي لا يستفيد منه إلا أعداء الأمة العربية .
ومن نافلة القول هنا أن صور التطرف في عالمنا المعاصرة كثيرة تملأ الساحة والفضاء لغياب التوجيه السليم والمرجعيات الفكرية والسياسية القادرة على التوجيه والإقناع ، فإن المنطق يقول : المرء إن لم يتشغل بالحق اتشغل بالباطل , كما أن الإناء إن لم يملأ بما هو نافع ملء بما هو غير نافع ، ولأجل هذا صور التطرف في حياتنا ، نرى التطرف في الحب والكره ورفض الآخر ، والتطرف في اللهو والعبث وفي البذخ والإسراف من باب سوء التصرف والإدارة وغياب الهدف ، والتطرف في الفكر والسلوك بما نراه من كتابات ومقالات وأراء وحوارات لا تخدم هدف المجتمع العام ، وهذا يتطلب دراسة هذه الظاهرة ومعرفة أسبابها ، ووضع الحلول المناسبة لها قبل فوات الأوان ، فإن حال الأمة لا يحتمل المزيد من الجراح .
د . رياض خليف الشديفات / 10/5/2014م
شاهد المزيد