آخر الأخبار

الخميس، 29 أكتوبر 2015

مدير تربية قصبة المفرق سابقا أ.احمد المثاني يكتب : ليلة ماطرة

رجع متهالكا من شدة التعب ، فقد كان عمل اليوم ثقيلا .. ركب الحافلة بعد طول انتظار ،، ألقى بنفسه على المقعد و أخذ ينفخ في كفيه ، لعل قليلا من الدفء يسري في أوصاله المرتجفه ،، شعر بنسمة باردة تخترق ثيابه المبللة .. اعتذر من شريكه في المقعد ، و أخذته نوبة سعال .. فشتم في نفسه الدخان ، و تذكر مرارته بالأمس ، محاولا وقف تسرب المياه التي داهمت منزله الذي هو بقايا منزل طيني ، ورثه عن والده .. يا لمرارة القهر !! الأولاد و الزوجة ضاقوا بهذه الأحوال ، و لكن ما الحيلة و ما العمل ..?
سرح بفكره و هو يشاهد أضواء السيارات الحمراء و الصفراء تنعكس خطوطا على ماء الشوارع .. و تأمل بنظره زجاج نافذة الحافلة و مياه المطر ترسم خطوطا صاعدة .. و هي تكشف بتثاقل ابواب الدكاكين .
في الحافلة ، اختلطت أصوات بأصوات .. عمال عائدون ..و نساء و عجائز ، الحديث عن موسم خير هذه السنة .. و حديث عن زواج ابن الجيران .. و شكوى و تذمر من ارتفاع الاسعار .. خليط من اللغو الإنساني ، و أغنية تنبعث من المذياع .. و ضحكات شباب احتلوا المقعد الخلفي .. و فجأة تذكر أنه لم يحضر " العوامة " التي طلبتها ابنته الصغيرة ،، و لم يستطع شراء " الكستناء " التي وعد بها منذ أسابيع .. لماذا الكستنا .. ? لعل شوي حبات من البطاطا يقنع الحاح ولده المريض .. : ملعون ابو الكستنا .. خمسة دنانير ثمن الكيلو !! انها اجرة يومه بكاملها .. لماذا لا تزرع الدولة كستنا للفقراء .. ضحك من نفسه .. و اغمض عينيه .. و إذ بأحدهم يضرب على كتفه ، اصحا ، انزل إنه كنترول الحافلة .. فاستجمع نفسه بسرعة ، و قذف بجسمه الى الرصيف ، ليجد نفسه أمام الطريق الموحل ، و غاب في بوابة الدار ..
- أحمد المثاني -
شاهد المزيد
التعليقات